
عند تسجيل مقاطع حوارية في التعليق الصوتي، يعد “التدفق” الجيد أمرًا أساسيًا في تقديم أداء صوتي مميز. أحد أبرز العوامل التي قد تعيق تحقيق هذا التدفق هو ما نطلق عليه التعثر أو “الحجب”.
التعثر هو مشكلة شائعة، خاصةً بين المبتدئين في مجال التعليق الصوتي، لكنها قابلة للتصحيح بسهولة بمجرد أن تصبح على دراية بها.
في هذه المدونة، سنغوص في الجزأين الرئيسيين لهذه المشكلة: التدفق والتعثر. سنشرح كل منهما بتفصيل، ثم نقدم لك نصائح عملية حول كيفية التخلص من التعثر واستعادة التدفق الجيد في أدائك الصوتي.
ما هو تدفق الصوت؟
تخيل نفسك في محادثة مع أحد أصدقائك. من المحتمل أنك تستطيع تسجيل هذه المحادثة (بعد الحصول على إذن بالطبع) وإعادة الاستماع إليها، أو حتى الاستماع إلى محادثات الآخرين في الأماكن العامة. ماذا تلاحظ في هذه المحادثات؟
يجب أن تلاحظ بعض الأمور المتعلقة بالمحادثة الإنسانية:
عندما نتحدث مع بعضنا البعض، نجد أن لدينا انسيابية طبيعية في الحديث – تتدفق الكلمات بشكل سلس وطبيعي. نحن كبشر مهيؤون للاستماع إلى هذا النوع من الكلام وفهمه بشكل فوري.
بشكل غير مقصود، نضيف “حشوات” إلى جملنا – وهي توقفات قصيرة غالبًا ما يصاحبها أصوات مثل “اممم”، أو “آه”، أو حتى أصوات غير واضحة مثل الصرير أو بعض الأنفاس الإضافية. هذه التوقفات تمنح المتحدث الوقت للتفكير فيما سيقوله بعد ذلك. في مجال التعليق الصوتي، نطلق على هذه الظاهرة مصطلح “إضفاء الطابع الإنساني”.
كما أننا نأخذ أنفاسًا – هذه التوقفات الطبيعية تمنح المتحدث فرصة لاستعادة أنفاسه وتفكيرًا في الخطوة التالية، بينما تتيح للمستمع أيضًا الوقت الكافي لفهم الكلمات واستيعابها.
التدفق الطبيعي في التعليق الصوتي
عند تسجيل مقطع حوار، من الضروري أن نعمل على تحقيق تدفق طبيعي.
بالطبع، يتفاوت هذا بناءً على نوع التعليق الصوتي الذي نقدمه، حيث يختلف أداء الشخصيات عن التعليم الإلكتروني، كما تختلف الإعلانات التجارية عن التعليق الصوتي للرسوم المتحركة.
لكن في جميع الحالات، يجب أن يكون لدينا تدفق جيد ومناسب، بحيث يبدو الأداء طبيعيًا، ويحتفظ بالسرعة المناسبة والمساحة اللازمة للمستمع، مع الحفاظ على مستوى عالٍ من التفاعل والاهتمام.
أحيانًا قد يتطلب الأمر إضفاء الطابع الإنساني على أدائنا، بينما في أوقات أخرى قد يكون من الأفضل تجنب ذلك لتحقيق تأثير أكثر تناسبًا مع السياق.
من الضروري أن نقدم الحوار بتدفق إنساني طبيعي، بحيث لا يضطر المستمع إلى بذل جهد لفهمه أو تقبله.
ما هو التعثر في التعليق الصوتي؟
التعثر هو مصطلح يُستخدم للإشارة إلى التدفق غير الطبيعي في التعليق الصوتي. يُطلق عليه “الحجب” لأنك يمكن أن تلاحظ وجود “كتل” واضحة في شكل الموجة الصوتية. إليك صورة توضح هذا المفهوم:
يمكنك أن ترى بوضوح كتل الأشكال الموجية في هذه الصورة.
عند الاستماع إلى صوت مثل هذا، تشعر بأنه “متقطع” أو مفكك. إنه ليس النوع الطبيعي من الكلام الذي اعتدنا عليه. هذا النوع من الأداء يجعل المستمع مضطرًا للانتظار حتى يكمل الجمل، مما يجعل الاستماع غير ممتع أو مريح.
كيف يبدو الحوار الصوتي بدون تعثر؟
هناك العديد من الأمثلة على ذلك، ولكن بشكل عام، نبحث عن “اليرقات ذات الشعيرات” في الأشكال الموجية. على سبيل المثال:
كما ترى، هذا نوع مختلف جذريًا من الأشكال الموجية. لا يمكنك فقط أن تسمع أن الشكل الموجي يتمتع بتدفق جيد وطبيعي وإنساني، بل يمكنك أن ترى ذلك بوضوح في الشكل الموجي أيضًا.
لماذا يحدث التعثر؟
هناك عدة أسباب تؤدي إلى حدوث التعثر في التعليق الصوتي. على الرغم من أنه يحدث غالبًا مع الوافدين الجدد إلى الصناعة، إلا أنه لا يقتصر عليهم فقط:
- عدم تعلم المعلق الصوتي كيف يكون قارئًا جيدًا.
النتيجة هي أنهم يقرأون جزءًا من النص ثم يتوقفون لتوصيله، ثم يقرأون جزءًا آخر ثم يتوقفون. هذه الطريقة تُنتج نمطًا من القراءة والتوصيل المتقطع: قراءة – توصيل – قراءة – توصيل، وهو ما يؤدي إلى تعثر الصوت بشكل واضح وسريع. - الاعتياد على هذه الطريقة.
في بعض الأحيان، يعتادالمعلق الصوتي على هذه الطريقة دون أن يدرك أنها تسبب التعثر. - تقليد أسلوب الآخرين.
قد يكون المعلق الصوتي قد سمع آخرين يؤدون بهذا الشكل، فيقلد هذا الأسلوب بشكل غير واعٍ. هذه الظاهرة تُعرف بـ “التقليد النمطي” أو “Templating”، حيث يتبنى المعلق الصوتي “قالبًا” ثابتًا في طريقة أدائه للنص، ما يحد من مرونته في الأداء. - الإفراط في استخدام علامات الترقيم.
بعض مؤلفي النصوص يفرطون في استخدام الفواصل والواصلات وعلامات الحذف والفواصل المنقوطة والنقطتين، وهي علامات قد تكون غير ضرورية. يجب أن نتذكر أن هناك فرقًا كبيرًا بين كتابة نص بشكل صحيح نحويًا وبين توصيل هذا الحوار بطريقة طبيعية ومتدفقة.
ما هو عكس التعثر؟
عكس التعثر يحدث عندما يتم حذف أجزاء من الحوار، أو الإفراط في تحريره، أو التنقيح بشكل مفرط، أو التنفس بشكل زائد، أو تقديم النص بسرعة كبيرة. النتيجة هي عدم وجود مساحة كافية للمستمع لاستيعاب ما قيل بالفعل.
فكر في بعض الإعلانات الإذاعية المحلية التي قد تكون سمعتها على الراديو، حيث يصر كاتب الإعلان على ضغط 40 ثانية من النص في إعلان مدته 30 ثانية. في نهاية الإعلان، قد تجد نفسك تقول: “ليس لدي أي فكرة عما سمعته للتو!” لأنك لم تُمنح أي وقت على الإطلاق لفهم واستيعاب المعلومات المقدمة.
هذا الموقف سيء تمامًا بالنسبة للمستمع، مثل التعثر لكن لأسباب معاكسة!
هل يُعتبر التعثر في بعض الأحيان مناسبًا؟
الجواب هو: بالطبع، نعم! التعثر يمكن أن يكون مناسبًا في بعض الأحيان. بعض الأمثلة على ذلك تشمل:
- قراءة القوائم
- عندما يهدف المعلق الصوتي إلى تقديم حوار متقطع أو غير متسلسل
- محاولة إعادة جذب انتباه المستمع خلال حوار طويل
الأهم هنا هو أن المعلق الصوتي يتخذ خيارًا مدروسًا لتقديم حواره بطريقة مغايرة للتدفق الطبيعي، وذلك لتحقيق تأثير أو هدف معين.
عند تقديم مقطع حواري احترافي، يقوم المعلق الصوتي باتخاذ اختيارات واعية لتقديم حواره بطريقة معينة. إذا كانت هذه الاختيارات تشمل توصيلًا متقطعًا، فهذا هو اختياره الشخصي، ولا بأس بذلك على الإطلاق. ومع ذلك، فإن معظم الأشخاص الذين يعانون من التعثر غالبًا ما يكونون غير مدركين لذلك.
كيف يمكنك إصلاح أو إيقاف التعثر؟
لحسن الحظ، هذا هو الجزء الأسهل! ليس من الصعب على الإطلاق التوقف عن التعثر وتعلم تقديم الحوار بطريقة طبيعية ومتدفقة وإنسانية.
فقط اتبع هذه الإرشادات البسيطة:
- سجل نفسك وأنت تقرأ نصوصًا سردية جيدة، ثم راجع الأشكال الموجية.
يجب أن تتمكن من رؤية الكتل في الشكل الموجي وكذلك سماعها. ارجع إلى الرسمين البيانيين اللذين قمت بمراجعتها في وقت سابق لتحديد الاختلافات التي يجب أن تبحث عنها. - عندما تدرك أنك تقوم بالتعثر، حاول توصيل النص بدون هذا النمط المتقطع.
مجرد أن تصبح واعيًا للتعثر سيجعلك قادرًا على تحسين التدفق بسهولة. - من المفيد جدًا أن تخصص وقتًا يوميًا للتدريب الذاتي.
احصل على كتاب جيد، وسجل نفسك لمدة ساعة يوميًا لمدة شهر، ثم استمع إلى التسجيلات وقم بتحليل تدفقك الصوتي. مع مرور الوقت، ستلاحظ تحسنًا ملحوظًا في أدائك. - اعمل على تجاهل علامات الترقيم كتمرين أولي.
في البداية، حاول تجاهل علامات الترقيم كتمرين فقط للتعود على التدفق الطبيعي. ثم كخطوة ثانية، حاول وضع الوقفات الخاصة بك في الأماكن التي تشعر بأنها تحتاج إلى وقفة أو تنفس طبيعي. قد تكون هذه الوقفات في أماكن الفواصل، أو في الأماكن التي ترى أنها الأكثر مناسبة لتنظيم تدفقك، أو في الأماكن التي يمكن أن تتجاهل فيها الفواصل تمامًا.
الخلاصة:
تذكّر دائمًا أن القرار بيدك كمعلق صوتي محترف لاختيار كيفية إيصال حوارك. أنت الفنان، وأنت الأدرى بكيفية تأثير رسالتك على المستمع، وكيفية تفاعله معها وفهمه لها.
سواء اخترت الأداء بسرعة إيقاعية عالية، أو بطريقة متقطعة، أو بتدفق طبيعي، لا بأس بذلك إطلاقًا. فهذا هو أسلوبك الخاص، وهو ما تستحق عليه المقابل.
المهم هو أنك تمتلك القدرة على التحكم في أدواتك الصوتية. عندما تتحكم بها بوعي، ستكون في المكان الصحيح. أما إذا لم تكن على دراية بكيفية استخدام هذه الأدوات أو لم تتمكن من التحكم فيها، فهنا قد تواجه صعوبة في إيصال الرسالة بالشكل الصحيح.
اترك تعليقاً