تهدف هذه المدونة إلى معالجة المفاهيم الخاطئة في عالم التعليق الصوتي التي تتعلق بالسؤالين: متى عليك إزالة أصوات التنفس من تسجيلاتك؟ ومتى عليك أن لا تفعل؟ وكلاهما على نفس درجة الأهمية. لا يكثر أن يُنفَّذ هذا صحيحًا، لكن من السهل عمله (في موضعها الصحيح) إذا عرفت كيف.
أولًا، لنبدأ في بداية الموضوع الصحيحة، ونُجِبِ السؤال:
ما هي إزالة صوت التنفس؟
إزالة صوت التنفس هي انتقاء مواضعه في أداء صوتي مسجَّل ثم حذفها. هاكم مقطعًا سُجِّل ببرنامج Adobe Audition حيث تستطيعون أن ترَوا مناطق التنفس معلَّمة بارزة:
وهاكم المقطع نفسه بعد إزالة منطقة التنفس، على نحو متوقع شيئا ما:
لاحظ هنا أن صوت التنفس
قد كُتِم بدلًا من الإزالة التامة. علينا ملاحظة هذا الفرق الهام عند مناقشة إزالة صوت التنفس من الملفات الصوتية. لو كنا حذفنا صوت التنفس حقًّا وتركنا محله مسافة بدلًا من كتمه لبدا المقطع هكذا:
وهو مختلف. في الأول كتمنا صوت التنفس وفي الثاني أزلناه وما يستغرقه من زمن تمامًا.
إذن متى عليك أن تزيل صوت التنفس من تسجيل تعليقك الصوتي؟ ولماذا؟
عادة، يُحذف صوت التنفس من التعليق الصوتي للإعلانات التجارية. ولهذا سببان وجيهان:
- لا يريد المُعلِن أن ينصرف انتباه المستمِع بأي صورة عن الرسالة المقدَّمة، وهي المنتج أو الخدمة المعلَن عنها. حتى على مستوى اللاوعي، وجود صوت تنفس في الأداء يُعيد المستمع إلى واقع أن هذا مجرد إنسان يقدم رسالة.
- الإعلانات التجارية، خاصة ذات العناصر المرئية، تكون عادةً كيانات ضخمة باهرة، بإيقاعات وأنماط نبرة صوت متغيرة. في هذه الحال لا تكون الرسالة عن المعلق الصوتي بل عن الرسالة نفسها فقط. تغيير الإيقاع أو تنويع الصوت يزيد عدد الأنفاس عادة أو قوتها، ونكرر أن هذا لا علاقة له بالرسالة، وعادة يصرف الذهن عنها.
- كثير من التعليق الصوتي للإعلانات التجارية يكون قريبًا جدًّا من الميكروفون حتى يصل المؤدي إلى تأثير تضخيم الصوت بالاقتراب، وهو تأثير محبب. في تلك الحال، حالما يعالَج التسجيل، سيكون صوت التنفس أعلى كثيرًا من الواقع بالنسبة والتناسب. إذن فهذا تشتيت عن الرسالة.
- حالما تعالَج مقاطع التعليق الصوتي معالجة ما بعد الإنتاج، أي تُضغط ويُرفع الصوت إلى درجة مناسبة (بالمزج أو توحيد الصوت (normalization))، يُرفَع صوتُ التنفس أكثر من حقيقته. وهذا تشتيت عن الرسالة.
على التعليق الصوتي في الإعلانات التجارية التركيز على الرسالة تركيزًا صرفًا وبلا تشتيت، وهذا يشمل التنفس
فما المشكلة إذن؟ أليس الأمر بسيطًا، أي كل ما علينا أن نزيل أصوات التنفس من التعليق الصوتي للإعلانات التجارية فقط دون سواها؟
مشكلة إزالة صوت التنفس من التعليق الصوتي للإعلانات التجارية
مشكلة إزالة صوت التنفس من التعليق الصوتي للإعلانات التجارية تكمن في تعريف ماهية التعليق الصوتي للإعلانات التجارية ذاتها. قد يعني التعليق الصوتي للإعلانات التجارية، من تعريفه، أحد أمرين. الأول هو أنه تعليق صوتي تستعمله شركة تدفع لك أتعابه، فهو تجاري الطبع. الثاني أنه إعلان تجاري فعلي في التلفاز أو الإذاعة أو السينما أو على الإنترنت، وعليه فهو تجاري الطبع.
كثير من فناني التعليق الصوتي يزيلون هذا الصوت من كلا النوعين من العمل التجاري. ما لم يُطلَب منا صراحة، علينا ألا نزيله إلا من النوع الثاني، أي الإعلانات الفعلية. تذكر أننا نزيل صوت التنفس حتى لا تتشتت رسالة الإعلان على أي حال.
لم علينا ألا نزيل صوت التنفس من أي نوع آخر من التعليق الصوتي؟
لعدم إزالة صوت التنفس في التعريف الأول من التعليق الصوتي، وتسجيلات المؤسسات، وأداء الألعاب، والتعليق الصوتي السردي، والدرامي، والتعليق الحي المباشر على الفعَاليَات، وغيرها، بضعة أسباب.
أولًا، كلنا بشر، اعتدنا سماع الناس يتنفسون وهم يتكلمون -فهو جزء من طبيعة الحوار. إن لم نجده افتقدناه. عامة، في الإعلانات التجارية الصوتية، يكون كثير من الموسيقا في الخلفية، وأحيانا تصاحبها مؤثرات صوتية، فلا نلاحظ بسببها أن صوت التنفس غائب. لكننا إن سمعنا شخصًا يتكلم وحده وأزلنا كل أصوات التنفس، لصار سماعه غير مريح. عادة نشعر بأننا متوترون مشدودون إذ ننتظر أن يتوقف هذا الشخص ذو الرئة الخارقة لالتقاط أنفاسه!
استمع إلى أفضل خدمات نطق النص المكتوب مثل Siri أو صوت Google. على الرغم من أنها رائعة… فإنك لا تسمع تلك الآلات تتنفس
ثانيًا، يمنح التنفسُ المستمعَ فرصة توقف طبيعي للمستمع لتجميع ما يُقال. هو يتيح وقتًا للتفكير واتخاذ القرارات الداخلية. كثيرًا ما أسمع حوارات خارج نطاق الإعلانات أزيل منها أصوات التنفس والمساحة التي يحتلها. يحدث هذا في كثير جدًّا من الإعلانات الإذاعية الأمريكية -المشكلة هي أن الجمهور ينصرف عن مثل هذا التسجيل ناسيًا كل شيء عنه.
أخيرًا، صوت التنفس عند المعلق الصوتي علامة على الأداء الطبيعي التلقائي. والأداء الطبيعي التلقائي هو النمط السائد الآن وما يريده الجميع. إن أزلت صوت التنفس من أدائك فأنت تزيل معه تلقائيًّا عنصرًا مما يجعله طبيعيًّا وتنتقص منه.
التنفس علامة على الأداء الطبيعي. أزل أصوات التنفس تُزِلْ كل أمارات التلقائية من القطعة وتنتقصْ منها.
إزالة صوت التنفس من التسجيلات خطأً
كلمة أخيرة في هذا الموضوع، من الجدير بالذكر أن نشير إلى أنك إذا استعملت أدوات مثل بوابات الضوضاء (noise gates) أو الموسعات (expanders) فستزيل صوت التنفس عن غير عمد في ما تزيل من الضوضاء المحيطة. عادة تكون هذه محاولة لتنقية الصوت من بيئة محيطة سيئة. لهذا نفس أثر إزالة صوت التنفس.
قد يصير صوت تسجيلك أفضل، لكنك قتلت العنصر الإنساني في أدائك.
أصلح بيئة تسجيلك بدلًا من ترقيعها ببوابات الضوضاء والموسعات! تلك طريقة الهواة!
الخلاصة
لا تزل صوت التنفس من تسجيلاتك الصوتية إلا إن كانت تسجيلات إعلانات تجارية تحديدًا. وحتى في هذا، لا بد من أن تستيقن من موظِّفك أو عميلك أو من اختارك للعمل من أن هذا مطلوب.
فإن طُلب منك صراحة أن تحذف صوت التنفس من تسجيلك الصوتي في أنواع أخرى من التعليق الصوتي، مثل التسجيلات المؤسسية، إلخ، فتجاهل هذا المقال تمامًا. افعل ما يُطلَب منك! فهم يدفعون الأتعاب في نهاية الأمر!
Ahmed Emad says
مقال اكثر من رائع
البداية خير جداً
Ebtesam Sabra says
مقال أكثر من رائع ..
شكرًا على الجهد المبذول 👏
Rasha Elgaml says
هل اوداسيتى نفس جودة ادوب اوديشن ؟
ولا بيختلف؟
Mona Sharawy says
برنامج Adobe Audition احترافي واستخدامه ليس صعبا،بينما برنامج Audacity فهو برنامج يصنف للمبتدئين في استخدام برامج التحرير وهو مجاني، بإمكانك معرفة المزيد ومقارنة كل البرامج المتاحة من خلال هذا المقال “أدوات التعليق الصوتي – القائمة الأساسية”
من خلال الرابط التالي: https://arabia.gravyforthebrain.com/أدوات-التعليق-الصوتي-القائمة-الأساسي/
هاني الجندي says
رائع كعادتكم فريق GFTBA
هاجر شريف سيد احمد says
المقالة مفيدة جدا شكرا لكم