المهارات التي تُعَدُّ أساسية لصنع معلق صوتيٍّ ناجح عديدة متنوعة. والمفاجأة أن الصوت الجميل ليس على رأس القائمة.
فما هي مهارات التعليق الصوتي إذن؟
أعمل فنان تعليق صوتي بالغة العربية منذ أكثر من 30 سنة. وطَوال ثلاثة عقود لم أفعل سوى أن أردد بصوتي كلمات الآخرين ونصوصهم أمام ميكروفونات في استوديوهات التسجيل. يدهشني الأمر حين أتأمله في هدوء لأنني ما زلت أجد في نفسي حماسة البدايات تماما كالهواة.
ومع هذا ففي هذه السنوات الثلاثين استطعت أن أطعم وأكسو لا نفسي فقط بل وأسرتي كلها. أحيانًا يكون مخيفًا أن أفكر أن كل ما بيني وبين شراء الخبز ضفيرتان صغيرتان من غشاء مخاطي وبعض المعرفة وكل الإصرار.!
أحسَب أنني في عملي معلقًا صوتيًّا، قد غطيت كل دور يمكن أن يُطلب أداؤه من فنان تعليق صوتي، وتتباين المهارات اللازمة لأداء كل من هذه الأدوار المختلفة. لكن، وإذ نبدأ رحلتنا معًا، فكرت أن أيسّر الأمور لكم الآن بقدر الإمكان.
إذا كنت مهتمًا بمعرفة المزيد وتطوير مهاراتك فبرنامج توجيه التعليق الصوتي للخاصة (Elite Voiceover Mentoring Program) هو ما تبحث عنه. حيث نستطيع الخوض في تفاصيل أكثر كثيرًا لاحقًا. أقول لاحقًا لسبب وجيه لأن كثيرًا من الناس الذين يفكرون في هذه الوظيفة يفترضون -خطأً- أنها خطة ربح سريع.
تطوير مهارات التعليق الصوتي يستغرق وقتًا
لا شيء أبعدُ من الصواب من هذا. تحتاج إلى وقت لتصير معلقًا صوتيًّا ناجحًا. إلى كثير من الوقت… والممارسة. لذا عندما أُسأل عن مهارات التعليق الصوتي أتكلم عن أشياء أكثر من الصوت. ولهذا فأول مهارة أو صفة عليك اكتسابها هي:
#1. الصبر!
سأكرر هذا. الصفة الأولى هي الصبر.
ذلك أن أكبر خطأ يقع فيه الناس هو افتراض أن التعليق الصوتي ليس إلا “الكلام بصوت مرتفع! ما الصعب في هذا؟” ويقول الواحد منهم:
- أستطيع الكلام. ويقول أصدقائي إن صوتي رائع.
- أستطيع القراءة -من سن الخامسة!
- ضع هذا مع هذا تجد النتيجة الواضحة -أنا معلق صوتي!
خطأ!
القدرة على الكلام والقراءة معطيان بلا شك. أكثرنا يستطيع هذين. لذا، أسمعكم تصيحون؛
ما هي المهارات الأساسية الأخرى التي علينا تعلمها؟
حسنًا، إذ إنكم سألتم. فإليكم إياها بلا ترتيب.
#2. المهارة العملية
كونك معلقًا صوتيًّا محترفًا يعني أن تُدير عملك الخاص. لذا ففوق تقديم الخدمة نفسها، سيكون عليك تعلم بعض المهارات العملية الإدارية، إلا إن وظّفت فريقًا إداريًّا أو وكيل أعمال لإدارة عملك. تشمل هذه المهارات العملية الإدارية:
- تحديد الأتعاب
- إدارة اليوميات والجدول
- متابعة الحسابات، شاملة الفواتير وإدارة الديون
- المبيعات والتسويق
- الرواتب
- الحفاظ على العملاء
- اكتساب العملاء
- شبكات التواصل الاجتماعي
- إنشاء الموقع الشبكي وصيانته
وهذه ليست قائمة حصرية بأي حال، لكنك تستطيع تخيل الصورة. ما أريد أن أوصله إليكم هو أن التعليق الصوتي مجال عمل، مثله مثل أي عمل خِدميّ آخر، لذا استعدوا لتكونوا رجال أعمال وسيدات أعمال.
لكم أن تبدؤوا على نطاق صغير وفي جزء من وقتكم، لكن مع تقدمكم تكبر قائمة عملائكم، وتظهر الحاجة إلى توسعة عملياتك مع الوقت. إذن فإتقان أساسيات إدارة العمل أمر غاية في الأهمية.
#3. تدرب على القراءة بصوت مرتفع
يبدو هذا بديهيًّا لكن كثيرًا من الجدد في المجال لا يفعلون هذا بما يكفي. لتكون معلقًا صوتيًا جيدًا، عليك أن تقرأ عاليًا… كثيرًا!
إحدى المهارات الأساسية هي قدرتك على قراءة مقاطع نصية عاليًا بلا تعثر ولا أخطاء.
من يتعثرون أو يخطئون نادرًا ما يُطلبون مرة أخرى إذ يكلف وقت تصحيح الأخطاء شخصًا آخر مالًا -إلا إن كنت أنت نفسُك تفعله- وفي هذه الحال سيكلفك وقتًا.
لكننا جميعًا نعلم أن الوقت يساوي المال، فتكون المحصلة واحدة.
لذا فالشعار الذي ستسمعه مني هو
تدرّب، تدرّب، تدرّب!!
الحق أنه لا بديل لهذا. أتحسب أن تلعب الگولف (golf) في نادي رايدر (Ryder Club) أو كرة القدم في الدوري الإنگليزي أو التنس في ومبلدُن بلا تدريب؟! تحتاج إلى آلاف ساعات التدريب في رصيدك لتُجيد أي شيء. يسري نفس الأمر على التعليق الصوتي. لا طرق مختصرة.
الخبر السار أنك لا تحتاج إلى استثمار مالي كبير لتصير معلقًا صوتيًا جيدًا. أضعف الإيمان أن تستعمل تطبيق تسجيل على جوال ذكي لتسجيل صوتك ثم الاستماع إليه.
لكن الأفضل بلا شك أن تعمل على حاسوب عليه برنامج “أوداسيتي” (Audacity) وميكروفون USB قليل التكلفة، أو حتى ميكروفون الحاسوب الداخلي، إن وُجد.
ماذا تقرأ؟ لا يهم. صحفًا، مقالات مجلات، كتبًا، دوريًّات، تقارير… أي شيء. المهم أن تقرأ بصوت مرتفع فقط.
تحذير واجب هنا. إن لم تكن معتادًا الأمر فتمهل. قد تكون القراءة عاليًا مرهقة للأحبال الصوتية وعضلات النطق لمن لم يعتدْها. ستقوَى هذه بعد وقت. نقدم لكم مجموعة كاملة من التمارين والتوقعات في دورتنا التدريبية الأفضل مبيعًا التي أثنى عليها الجميع “دليل المبتدئين إلى التعليق الصوتي”.
حقًّا لا أستطيع أن أوصيكم بها بما يفيها حقَّها. إنها دورة تدريبية عميقة ذات بناء منظم جدًّا، تستهدف جميع المناحي ومنها الصحة الصوتية والتنفس وجميع النصائح والحيل التي تعلمتها، وأكثر. مهارة القراءة عاليًا الأخرى التي أمارسها وأنا في السيارة (وحدي، يجب أن أبادر بالقول!) هي الاستماع إلى المذياع وتكرار كل شيء أسمعه عاليًا، أحيانًا بأصوات ولكنات متنوعة! ما الأمر إلا التدرب، التدرب، التدرب، وما زلت أفعل هذا كل يوم.
#4. الانضباط
يلزمك الكثير من الانضباط لتدير عملك في التعليق الصوتي. عادة ستعمل لنفسك وستنفق قسطًا كبيرًا من وقتك في استوديو المنزل الخاص بك وفي مكتبك. وهنا تكمن المشكلة الحقيقية لبعض الناس.
قد يكون اعتياد العزلة صعبًا على البعض، وكذلك العمل في المنزل. كثيرًا ما تحدثك نفسك بالبقاء في الفراش ساعة أخرى، أو إنهاء العمل مبكرًا للذهاب إلى مباراة گولف! وعلى الرغم من أن هذين الأمرين في حقيقتهما من مزايا عملك لنفسك، ستحتاج في مراحل وظيفتك الأولى إلى أن تُلزم نفسك مقعدك وتحبس نفسك في منزلك قسطًا كبيرًا من اليوم.
سيكون عليك الكثير من العمل. ففوق التدرب اليومي، ستحتاج إلى استثمار وقت في إنشاء موقعك الإلكتروني، وفتح حسابات تواصل اجتماعي وتشغيلها، وفي تسجيل مقاطع نماذج أداء ونشرها على موقعك وإرسالها إلى وكلائك، وفي كتابة سيرتك الذاتية، مع تسجيل رصيد أعمالك، وفوترة أعمالك ومطاردة من تأخروا عن السداد! كثير من العمل في اليوم الواحد ولا وقت بالطبع للفراغ.
الخبر السار هو أنك مع الوقت والممارسة ستستطيع أن تصير معلقا صوتيا أفضل وعندما تتقن هذا ستكون العوائد جديرة بالتعب بلا شك.
#5. الحساسية
هذه صفة غريبة ولا أراها تُذكر في أي مكان، لكنها مهمة. لأن كونك معلقًا صوتيا يعني أن يُطلب منك تغطية نطاق هائل من المواد المختلفة. من التعليق الصوتي للألعاب إلى السرد الطبي إلى أنظمة الهاتف إلى إعلانات التليفزيون التجارية والكتب الناطقة.
كل هذا في عمل يوم واحد في أوائل مسيرتي الوظيفية، اتخذت قرارا بأنني إن احترفتُ التعليق الصوتي فأريد أن أُجيد كل أنواعه. وقد أثمر هذا الاستثمار في وظيفتي. لا يكاد يومان يتشابهان، ولا شيء أكثر من التنوع! هذا يعني كذلك أن علي أن أكون شديد الحساسية للمادة.
الانتقال من أداء دور قبطان غواصة روسية إلى سرد وثائقي عن الحياة البرية في دقيقة واحدة يلزمه حساسية للمادة وبعض التغييرات السريعة في الطاقة والأداء. لذا فعندما تتدرب، من الجيد أن تحاكي هذا التغيير بقراءة مقال صحيفة عن الاقتصاد مثلًا، ثم الانتقال إلى إعلان إذاعي عن السيارات، مثلًا.
الفكرة هي أن تعتاد مستويات الطاقة وإسقاط الصوت المطلوبة لقراءة عالية الطاقة ثم تعديل هذا لقراءة بعض الشعر بعده مباشرة. لذا طور قدرتك على النظر إلى قطعة نصية وتقرير كيف تتصرف إزاءها فورًا. هذا ما أسميه الإحساس بالموضوع. أستطيع عمل هذا في ثوانٍ. جميع المعلقين الصوتيين الجيدين يعرفون هذه المهارة المنسية عادة. نستطيع تعليمك هذه المهارة في دورتنا التدريبية الفارقة “التعليق الصوتي المتقدم – المستوى الأول” (Advanced Voiceover Level 1).
#6. التسجيل الذاتي
لأنك مدير أعمالك الناشئ في التعليق الصوتي، ستحتاج إلى ارتداء العديد من القبعات. ربما أهمها، بعد قبعة المعلق الصوتي بلا شك، قبعة مهندس التسجيل. ستسجل لنفسك أكثر الوقت، لذا ستحتاج إلى تعلم كيفية عمل هذا.
ليس الأمر مرهبًا مخيفًا كما تتصوره لكنك ستحتاج إلى توجيه ومساعدة محترفين لتُحسن الأمر. الجيد هو أننا غطينا كل هذا بخطوات سهلة الفهم في دورتنا “استوديو التسجيل المنزلي” (Home Recording Studio).
إتمامك هذه الدورة لن يجنّبك الوقوع في أخطاء مكلفة بشراء الأدوات غير المناسبة فحسب، بل ستتعلم فوق هذا كيف تخرج بتسجيلات مقبولة لصوتك ذات صبغة احترافية. هذه هي أفضل دورة تصاحب دورة التعليق الصوتي للمبتدئين، ولك أن تحضرها بعدها.
لا شك أن خير خطوة تلي هذا هي الانتقال إلى منطقة الاشتراك لتنال حق الوصول إلى جميع الدورات ما شئت من زمن.
عينات التسجيل الجيدة في الألعاب والإعلانات والسرد والمقاطع الترويجية أساسية لتحصيل عمل. إن لم تكن على يقين من كيفية إعداد هذه، وأنا أتخيل كيف يبدو هذا شاقًّا مرهقًا، فعليك إتمام دورتنا التدريبية عن إنشاء ملفات نماذج أداء (demo reels) رائعة، وستنطلق في طريقك.
ملخص مهارات التعليق الصوتي
إليك القائمة إذن.
-
الصبر
-
المهارة العملية
-
التدرب
-
الانضباط
-
الحساسية
-
والتسجيل الذاتي
هذه هي المهارات والصفات الأساسية اللازمة لنجاحك في التعليق الصوتي.
إذا رأيت أنها تناسبك، فتعال وانضم إلينا. صدقني، هذا عمل شاق وطريق طويل جدًّا، لكن خذ كلمتي أيضًا أن الأمر عامر بالمتعة!
Ahmad hawary says
اتفق
Seham Farouk says
تمام جدا ..أتمنى ذالك
HANAN MOHARM says
Very well 👏